المؤمن القوي هو ذلك الإنسان الّذي يوحّد الله تعالى، والّذي يعبده كما يريد تعالى لعباده أن يعبدوه، وفي نفس الوقت هو إنسانٌ متميّز على كافّة المستويات الأخرى، فهو لا يعبده ويتفرّغ للعبادة ليل نهار فقط؛ بل على العكس تماماً فالمؤمن القوي هو القادر على إعمار الأرض، وهو القادر على الدّخول مع النّاس في الحوارات والنّقاشات، وهو القادر على أن يكون شخصاً عليه قيمة في المجتمع، ممّا يعطي انطباعاً إيجابيّاً عن الدّين الّذي يعتنقه، ويكون سفيراً لهذا الدّين أينما حلَّ وأينما ارتحل؛ فالإنسان المؤمن القويّ هو المؤمن القادر على أن ينشر الخير في كلّ مكانٍ يحلّ فيه، وهو القادر على أن يبعد الشرّ، وأن ينصر المظلوم أينما وجد.
فالمؤمن القويّ كما ذكرنا يكون سفيراً لدينه في كلّ مكانٍ يحلّ فيه؛ لأنّه سيكون مبلّغاً لتعاليمه الأخلاقيّة أينما وجد؛ فالأخلاق تتأثّر بالدّين بشكلٍ كبيرٍ جداً، فإن كان الدين دين تسامح وصدقٍ ورحمة فإنّ الإنسان سيحمل حتماً الخير والبركة على الجميع، ولهذا السبب ولمّا كان الناس غير قادرين على أن يربطوا بين ما يرونه أمامهم وبين السبب الحقيقي الذي أنتج مثل هذا الأمر-فالنّاس دائماً يربطون الأحداث التي يرونها بأمور لا دخل بها في الواقع- كان المؤمن مطالباً بأن يكون على خلقٍ عالٍ؛ لأنّ أي تصرّف سيء سيصدر منه سيربطه الناس مباشرة بدينه، فهم غير قادرين على التمييز والفصل بين التصرّف السيء الّذي صدر من هذا الشخص وبين الدّين الّذي يعتنقه، على الرّغم من أنّ هذا الدين قد يكون ديناً عالميّاً خلقيّاً مليئاً بالرحمة والعطف والتسامح والحب، ولكن هذه وللأسف هي عقليّة الكثير من البشر، فالأشخاص القادرون على التمييز والفصل قد تكون نسبتهم جيّدة لكنّهم لن يظهروا على الساحة.
والمؤمن القويّ هو الشخص القادر على أن ينهض بدنياه، كما هو قادر على أن يقدّم لآخرته؛ فالتميّز في الدّنيا شيء أساسيّ ومطلوب وبنسبة كبيرة جداً نظراً لأنّه هو السبيل لخير البشريّة ونموّها وازدهارها، وهذا الأمر هو من الأمور المطلوبة وبشكلٍ كبير جداً بين الناس؛ حيث إنّ خير البشريّة هو السبيل والطريق إلى نموّ الناس وإشباع رغباتهم واحتياجاتهم الأساسية ممّا سيجعلهم قادرين وبشكل كبير جداً على أن يفكّروا بأمورٍ أكبر، وأن يرتقوا بتفكيرهم الّذي ينضوون إليه؛ فالإنسان بحاجة وبشكلٍ رئيسيّ إلى إشباع حاجاته الجسميّة الأساسيّة كالأكل، والشرب، والجنس، ومن ثمّ سينتقل مباشرةً إلى التّفكير في أمورٍ مجدية تحقّق الخير له ولكلّ النّاس.
المقالات المتعلقة بكيف تكون مؤمن قوي